صراع محموم مع الضغط السكاني وتحديات الطبيعة لتأمين الأردنيين بالمياه
فيما تبقى مسألة تأمين كميات مياه إضافية لتأمين الاحتياجات المتزايدة موازاة مع النمو السكاني في الأردن، رهنا لاشتداد الأزمة المالية وتعاظم تحديات عجز المياه الواقعة على القطاع، تسعى وزارة المياه والري لتأمين حلول إجبارية للتعايش مع انعكاسات القضية.
وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر رسمية في الوزارة، فضلت عدم نشر اسمها، في تصريح لـ “الغد”، مرارا أن المنفذ أو الحل المستدام المتبقي لدى المملكة لمواجهة عجز المياه الشديد والذي يتجاوز 450 مليون متر مكعب سنويا، هو عملية تحلية المياه، إلا أن المضي فيها يبقى مرتبطا بعدة عوامل مالية من جهة، وتتعلق بتعاون إقليمي من جهة أخرى.
وعلى الرغم من ذلك، فإن وزارة المياه والري تمضي حاليا وفق حلول استراتيجية عملية على أرض الواقع، وإن بقيت “بالكاد” تتوازى مع احيتاجات المملكة المائية المتزايدة، تماشيا مع ارتفاع النمو السكاني السنوي والبالغ نحو 5.3 % بحسب أرقام دائرة الإحصاءات العامة، إلا أنه من شأنها أن توفر ما تتجاوز كميته 600 مليون متر مكعب سنويا.
وأكدت المصادر أهمية الدور الرئيسي الذي يلعبه مشروع مياه الديسي في ما اعتبرته “إنقاذا” لوضع المياه الحرج بالمملكة، في الوقت الذي وجدت نفسها مضطرة للتعامل مع الظروف السياسية المحيطة خاصة أزمة اللجوء السوري، حيث بلغ عدد السكان حسب نتائج التعداد الأخير 9,531,712 نسمة، منهم 6.6 مليون نسمة أردنيون مقابل حوالي 31 % من غير الأردنيين نصفهم تقريباً من السوريين (1.3 مليون نسمة)، وفق الإحصاءات.
وتصل الطاقة التشغيلية لمشروع مياه الديسي إلى نحو 100 مليون متر مكعب سنويا، في الوقت الذي عملت فيه الوزارة على إعادة تأهيل الآبار القديمة واستغلال المياه الجوفية “بشكل اضطراري” بما تتراوح كميته من 10 إلى 20 مليون متر مكعب، وذلك لإمكانية تأمين الاحتياجات المتزايدة بشكل كبير يفوق قدرة ما تبقى من مصادر.
ذلك عينه ما أشارت إليه المصادر في السياق ذاته، حيث “لم يتبق لدينا أي مشاريع مياه رخيصة وكلها مكلفة”.
ومن ضمن إجراءات الوزارة لتجاوز أي أزمة متوقعة بخصوص عجز المياه خلال الفترة الراهنة، المضي وفق استراتيجيتها ضمن مشاريع المياه العميقة والتي تعد مكلفة، حيث من المتوقع البدء بمشاريع المياه العميقة اعتبارا من العام 2018 بكلفة تتجاوز قيمتها حوالي 300 مليون دينار.
ومن خلال مشاريع المياه العميقة، فإن من المتوقع أن توفر المرحلة الأولى حوالي 20 مليون متر مكعب سنويا، فيما ستوفر المرحلة الثانية نحو 50 مليون متر مكعب سنويا.
كما لا يمكن إغفال دور التوسع في مشاريع السدود ورفع طاقة سعتها التخزينية لنحو 400 مليون متر مكعب، وذلك جنبا إلى جنب مع خطط التوسع في الحصاد المائي من خلال توفير 36 مليون متر مكعب من المياه العذبة، إضافة إلى 94 مليون متر مكعب من المياه المعالجة للزراعات المقيدة والتي ستتكفل بري ما يتجاوز 80 ألف دونم جديدة إضافية، بتكلفة إجمالية تصل إلى حوالي 231 مليون دينار.
ويتوازى ذلك مع تفعيل خطة جديدة لتقليل خسائر قطاع المياه حتى العام 2025 عبر خفض الفاقد إلى 30 % وتخفيض الضخ الجائر وزيادة المصادر المائية المحمية بنسبة 60 % حتى العام 2025.
وبخصوص التوسع في مشاريع الصرف الصحي، ركزت الاستراتيجية على زيادة كميات المياه المعالجة في محطات وشبكات الصرف الصحي وإحلالها مكان المياه الصالحة للشرب للاستخدامات الأخرى، من 150 مليون متر مكعب سنويا حاليا إلى 240 مليونا تقريبا حتى العام 2025، وفق الأرقام الرسمية.
ويصاحب ذلك مشاريع تهدف للاستغلال الأمثل للمياه السطحية مثل مشروع جر مياه وادي العرب (2) والذي يوفر حوالي 30 مليون متر مكعب من قناة الملك عبد الله لمحافظات الشمال.
وتوقعت دائرة الإحصاءات العامة أن يصل عدد سكان المملكة إلى 12 مليون نسمة بحلول العام 2030، وليصل الى 13.4 مليون نسمة في العام 2050، بناء على تقرير الإسقاطات السكانية للأفراد المقيمين في المملكة للفترة (2050-2015).
الصورة لسد كفرين في الأغوار، مصدرها صحيفة الغد، تصوير أمجد التطويل